كونوا نسوراً قيمتها الأعلى، ولا تكونوا ضباعاً تتكالب على الجيف في الحضيض من المكان والمفزع من الوقت.
كونوا جسوراً تصل أرحام البشر واليابسة، ولا تكونوا جزراً معزولة محاطة بالأسلاك الشائكة، لا يصل إليها إلا المتواطئ في النهب والطاعن في غياب الحس.
كونوا أحلاماً، ولا تكونوا كوابيس.
كونوا وسائد، ولا تكونوا عراء.
كونوا مدىً في أرض الله، ولا تكونوا زنازين.
كونوا صفحاً، ولا تكونوا إساءات.
كونوا سنابل، ولا تكونوا خناجر.
كونوا نهارات، ولا تكونوا ليالي استجواب.
كونوا أنهاراً، ولا تكونوا تسوُّلاً.
كونوا المعنى، ولا تهزنَّكم الإحصاءات الرسمية.
كونوا فعلاً، ولا تكونوا هتافات وتوصيات فارغة.
كونوا الحنين في الضلوع، ولا تكونوا ضالعين في النكران.
كونوا الصراحة في النشيج، ولا تكونوا الحداء البليد في صحراء لا نهاية لها.
كونوا على استعداد للقبض على النجوم، حين يراهن أحدهم على جعلكم مماسح للأحذية.
كونوا الرتْق، ولا تكونوا الفتْق.
كونوا الفعل، ولا تنتظروا النبوءات.
كونوا الإقامة في مواجه أعبائكم؛ وإن أغراكم الرحيل.
كونوا الفضح لكل عدوٍّ للحياة، ولا تركنوا إلى الستر والذين ظلموا.
كونوا وسائط للأرواح والقيم، قبل أن تشغلكم وسائط النقل والمعرفة.
كونوا الحرب على سلام كاذب يصادر قيمتكم.
كونوا المستقبل، حين ينهزم الآخرون ارتداداً إلى ماضٍ لا نبض فيه.
كونوا الإضاءات الغامرة في سلطات التعتيم.
كونوا التسكّع في خزي الإقامات.
كونوا الحبر بضوء فاضح في أوقات البيانات مدفوعة الأجر.
كونوا الملاسنات الحقّة في الهذر والمديح، و «كل شيء على ما يرام»!
كونوا الكشف، وانسفوا كل ليل بعده.
كونوا الدبيب الصريح على الأرض، ولا تسيروا على رؤوس أقدامكم، في ظل نهب طال هواء العالم!
كونوا الإقلاع، ولا يستغلنّكم أحد كي تكونوا مواضع له.
كونوا العمق ولا تغرنَّكم بهارج السطح.
كونوا الحسم ولا تضعوا أنفسكم في سذاجة اختبار ضربات الترجيح.
كونوا «المجهول» الذي يغري عدوكم لمواراة «معلومه».
كونوا الفارق والمختلف وذروا المتشابه.
كونوا المشاهد على الأرض وروحها، بعيداً عن أي قطار سريع؛ فذلك يغتالها ويصادر تأملكم فيها.
كونوا الفضاءات لا الأطواق، والعفوية لا القواميس، والصمت لا الهذيان، والاحتجاج لا سلاطة اللسان، والكتابة لا المكتبات الشبيهة برصيف في مقبرة.
كونوا كسر القواعد لا تثبيتها والخضوع لها، وخصوصاً قواعد إلغائكم، بالذهاب إلى الفوضى والمزاج.
كونوا أبناء العالم ولا تكونوا أبناء الجارية التي كتب عليها أن تكنس وتمسح الفضلات وتتعهد سيّدها وأولاده، وفي النهاية لا يميز بينها وبين فردة حذاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق