الأربعاء، 8 أكتوبر 2008

لكي تَرْتَبِكَ كلما قرأت





ثمة ما يجعلك تقف وقفة العاجز/ الممتلئ وأنت تفكر في الكتابة عنها، فمن أي الجوانب ستبدأ ومن أي الفضاءات ستنطلق؟
للكتابة عن أهداف سويف يجب أن يعصف بك مهب عالمين، حضارتين، فكرين، يوحدهما وجودها بينهما بكل تفاصيلهما اليومية، إذ مزجت بين هنا وهناك في رؤاها وتاريخها، وكتاباتها.
أن تكتب عنها، فذلك يعني أن ترتبك حد المجازفة، لتخوض غمارا غير مألوفة لديك كشرقي كلما قرأتها غربية، وكغربي كلما تجسدت لك شرقية.
تذهب نحو القصي من العروبة هنا؛ لتطفو الحقائق من خلال أحرفها، فتعطي هناك العصي عن القول.
جمعت بين لغتين - كما عاشت مجتمعين- فتلك الطفلة قراءة الأدب بلغة انجليزية لذا بدأت أهداف الناضجة الكتابة دون أن تقرر باللغة ذاتها، فكان للأدب لغته الانجليزية وللواقع لغته العربية لديها حسب قولها ذات مقال.
لم تكتب مصر كما كتبها غيرها عندما يريد الكتابة للغرب، إذ اهتمت كثيرا بالشكل العام للمصري، وبتحسين صورته لدى الآخر الذي سيقرأ الرواية ليتعرف على ملامح مصر الحقيقية بعيدا عن التسويف أو المغالاة في إبراز السلبية، فهي لم تفكر في بيع رواياتها للغرب كي تظفر بجائزة، بل كانت ترى أن الكتابة إلى العالم الآخر يجب أن تكون كتابة لا تمس المجتمع العربي بأذى ولا تنقل سلبياته كي يظفر كاتبها بشهرة.
بجرأتها في سرد التابوهات استطاعت أن تطوف شهرتها البلدان، فهي إذ تتكلم في رواياتها عن العلاقات الحميمة بكل تفاصيلها بين البطلة والبطل أو الأبطال، تكون قد اخترقت واحدا من هذه التابوهات التي شرعت بعض الروائيات العربيات مؤخرا في الكتابة عنه بشكل عشوائي، تكتبه لمجتمع قادر على امتصاص "حيائه" إزاء "كشفها"، لكنها تصطدم برقابة المترجم عندما يتعلق الأمر بالعربية.
كاتبة روائية نموذج لما يجب أن يسير عليه الكاتب حسبما أرى في تعامله مع أدبه، وطريقة نقل صورة وطنه ومواطنيه إلى الآخر الذي قد يأخذ كل ما قرأه في هذا النتاج الأدبي وكأنه الصورة الوحيدة لهذا الوطن وأولئك البشر، هي نموذج لتحدي ازدواجية الثقافة والمنشأ كي تكون أنت كما تريد لا كما يريد الآخر منك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق