كانت أيام الحمل الأولى هي الأشد إيلاما وقلقا،، كيف أخبر أسرتي بموعد الولادة وأنا ما زلت في الثانوية العامة؟
هل سيحتفون بمولودي البكر بالشكل المطلوب، وهم الذين كانوا يمنعون عني حبيبي دائما خشية التقصير في الدراسة، ما اضطرني لأن ألتقيه سرا كلما سنحت لي الفرصة؟
الهي أعني على إخبارهم بما في أحشائي فقد أعلنت الساعة انتحار الوقت، ولم يبق منه إلا القليل..
ترى كيف ستستقبله أمي، تلك المرأة التي لم ترني إلا طفلة لا يجب أن تُخدَش براءتها بغزل عابر أو حتى صادق؟
وأختي الكبرى التي كنت أسرق من مكتبتها بعض الكتب لأتعلم كيف يحبل المرء بجنين يحبه وكيف يكون المخاض متعسرا في هذه السن المبكرة؟
ستكتشف سرقاتي الصغيرة كلما اكتشَفْتْ شبها في ملامح مولودي، بمولود من مواليد تلك المدارس.
يا الله.. ما الذي ارتكبته؟ ولم جعلتني أسمع كلام الأخريات، لأعلن تمردي فيندس جنين في أحشائي يغريني بكل هذه المواجع والمشاعر؟
كانت مصاريف الحمل ملقاة على كاهل أختي الكبرى دون أن تعلم، إذ كنت أستعير منها كل ما أحتاج دون أن تنتبه إلى كوني حبلى..
ولكن كيف سأتحمل مصاريف تربيته، واحتضانه وكل ما يحتاج إليه ؟
وأين سأخبئه إن لم أبح بسري لهم ؟
لا بد وأن أواجه الأمر فأنا لم أرتكب خطأ، والحمل مشروع ما دمت قد تزوجت هذا الكائن الذي ما ضرني يوما ولا أخّر دراستي، بل جعلني أتقدم وأحرز جوائز كثيرة في مختلف المجالات التي ما كنت لأدخلها لولا قربه مني.
قررت أن أخبر أختي قبل أي شخص آخر، فكانت اللحظة الحاسمة وكانت المفاجأة غير المتوقعة:
- أنا سأتحمل مصاريف ولادته وتربيته ولا أنتظر منك شيئا، هنيئا لك مولودك الأول !!
- وأمي؟ كيف ستتقبل الأمر بالسهولة التي قبلت بها أنت ؟
- لا بأس لكل شيء عقبات، هو ابنك وبالتأكيد ستفرح به حتى ولو لاحقا..
لكن أمي لم تفرح به بالشكل المطلوب، فتلبسني إحباط غير مرتب، رغم تهنئة الجميع وفرحهم لأجلي..
لم تفرح ببكري لكنها كانت أولى المهنئات بأخيه عندما وجَدَتْه يكبر وأنا أنضج معه في عالم الشعر..
كان مولودي الأول " غائب ولكن " ديواني الشعري الأول الذي أنجبته بفرح وقلق ومحبة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق